فصل: (29/57) باب ما جاء من النهي أن يطرق المسافر أهله ليلًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[29/57] باب ما جاء من النهي أن يطرق المسافر أهله ليلًا

4483 - عن أنس قال «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يطرق أهله ليلًا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية» متفق عليه.
4484 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا طال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلًا -أي: بمساء- لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة» متفق عليه.
4485 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم أو يطلب عثراتهم» رواه مسلم.
قوله: «الشعثة» بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة بعدها مثلثة هي التي لم تدهن شعرها وتمشطه.
قوله: «تستحد» بحاء مهملة أي: تستعمل الحديدة، وهي الموس.
قوله: «المغيبة» بضم الميم وكسر المعجمة بعده تحتية ساكنة ثم موحدة، التي غاب عنها زوجها.
قوله: «يتخونهم أو يطلب عثراتهم» أي يظن وقوع الخيانة له من أهله، والعثرات جمع عثرة، وهي الزلة، وعند أحمد من حديث جابر «لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم».

.[29/58] باب القسم للبكر والثيب الجديدتين

4486 - عن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام، وقال: إنه ليس بك هوان على أهلك، فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة والدارقطني بلفظ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها حين دخل بها: ليس لك على أهلك هوان، إن شئت أقمت عندك ثلاثًا خالصة لك، وإن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي. قالت: تقيم معي ثلاثًا خالصة» وإسناد الدارقطني ضعيف.
4487 - وعن أبي قلابة عن أنس قال: «من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم. قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجاه.
4488 - وعن أنس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاث ثم يعود إلى نسائه» رواه الدارقطني وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" بلفظ «سبع للبكر وثلاث للثيب»
4489 - وعن أنس أيضًا قال: «لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية أقام عندها ثلاثًا، وكانت ثيبًا» رواه أحمد وأبو داود ورجاله رجال الصحيح.

.[29/59] باب ما جاء في التعديل بين الزوجات.

4490 - عن أنس قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة وكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلى تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها» رواه مسلم.
4491 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا امرأة امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها» رواه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه وأخرجه أبو داود بنحوه، وفي لفظ له: «كان لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا امرأة امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها» وفي رواية متفق عليها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاة العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن» متفق عليه.
4492 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت له امرأتان يميل لأحدهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطًا أو مائلًا» رواه الخمسة وابن حبان والحاكم، وقال: إسناده على شرط الشيخين، وقال في "بلوغ المرام": سنده صحيح.
4493 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» رواه الخمسة إلا أحمد ورواه الدارمي وصححه ابن حبان والحاكم ورجح الترمذي ارساله.
4494 - وعن عمر قال: «قلت: يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة، فقلت لها: لا يغرنك إن كانت جارتك أو ضأ منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه.
4495 - وعن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غدًا أين أنا غدًا؟ يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها» متفق عليه.
4496 - وعنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان إذا أراد أن يخرج سفرًا قرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» متفق عليه.

.[29/60] باب ما جاء في المرأة تهب يومها لضرتها أو تصالح الزوج على إسقاطه.

4497 - عن عائشة: «أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة» متفق عليه.
4498 - وعنها «في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء:128] قالت: هي المرأة تكون عند زوجها لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، فتقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري وأنت في حل من النفقة عليَّ والقسم لي فذلك قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]» وفي رواية قالت: «هو الرجل الذي يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرًا أو غيره فيريد فراقها فتقول: أمسكني واقسم لي ما شئت، قالت: فلا بأس إذا تراضيا» متفق عليه.
4499 - وعن عطاء عن ابن عباس قال: «كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم – تسع نسوة وكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة، قال عطاء: بلغنا أن التي لا يقسم لها صفية بنت حيي بن أخطب» رواه أحمد ومسلم، وقال في "جامع الأصول": أخرجه البخاري ومسلم، وقال رزين قال غير عطاء: «هي سودة، وهو أصح وهبت يومها لعائشة حين أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلاقها، فقالت: أمسكني وقد وهبت يومي لعائشة لعلي أن أكون من نسائك في الجنة»، وفي رواية: «أنها إنما قالت له بعد أن طلقها واحدة، فقالت له: أرجعني» وأخرج النسائي المسند فقط إلى قوله: لواحدة وله في أخرى مختصرًا قال: «توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده تسع نسوة يصيبهن إلا سودة فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة» انتهى.

.[29/61] باب عمل المرأة لزوجها.

4500 - عن علي رضي الله عنه: «أن فاطمة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه، فذكرت لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم، فقال: على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدمه على بطني، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما وآويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين واحمدا ثلاثًا وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم» رواه البخاري، وفي لفظ للبخاري ومسلم: «أنها جرت الرحى حتى أثر في يديها، و استقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها» وساق الحديث وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقِ الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك».
4501 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «تزوجني الزبير وماله في الأرض من مالٍ ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه وكنت أعلف فرسه وأسق الماء واخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان تخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي وهو مني على ثلاثة فراسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: إخ إخ، يحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني» رواه البخاري، وهذان الحديثان أحسن ما استدل به في هذا الباب مع أن حديث فاطمة لم يدل على إيجاب الخدمة عليها؛ لأنه لم يقل لها اعملي ما يجب عليك من الخدمة إنما أرشدها إلى ما هو أحسن لها من حب الرفاهية والميل إلى الدنيا، وإنما جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب منه خادمًا ولم تجيء شاكية، وكانت تعمل ذلك العمل باختيارها وحديث أسماء إخبار عن نفسها بأنها كانت تعمل ذلك وهو إحسانٌ منها.

.[30] كتاب الطلاق

.[30/1] باب جوازه للحاجة وكراهيته مع عدمها وطاعة الوالد فيه

4502 - عن عمر بن الخطاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طلق حفصة ثم راجعها» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
4503 - وهو لأحمد من حديث عاصم بن عمر ورجال أبي داود رجال الصحيح.
4504 - وعن لقيط بن صبرة قال: «قلت: يا رسول الله! إن لي امرأة فذكر من بذاءتها، قال: طلقها قلت: إن لها صحبة وولدًا، قال: مُرها أو قل لها، فإن يكن فيها خير ستفعل ولا تضرب ضعينتك ضربك امرأتك» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده يحيى بن سليم وفيه مقال.
4505 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وذكر أن بعضهم لم يرفعه.
4506 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق» رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم وصاحب "البدر المنير"، ورجح أبو حاتم إرساله.
4507 - وعنه قال: «كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عبد الله بن عمر طلَّق امرأتك» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.

.[30/2] باب ما جاء من النهي عن الطلاق في الحيض وفي الطهر بعد أن يجامعها ما لم يتبين حملها.

4508 - عن ابن عمر «أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا» رواه الجماعة إلا البخاري وفي رواية عنه: «أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فتغيض فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله تعالى» وفي لفظ: «فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» رواه الجماعة إلا الترمذي فإن له منه إلى الأمر بالرجعة، ولمسلم والنسائي نحوه وفي آخره، قال ابن عمر: «وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن» وفي رواية متفق عليها: «وكان عبد الله طلق تطليقة فحسبت من طلاقها» وفي رواية: «وكان ابن عمر إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنت طلقت امرأتك ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك وعصيت الله عز وجل فيما أمرك به من طلاق امرأتك» رواه أحمد ومسلم والنسائي وفي رواية: «أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فانطلق عمر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت فليتركها حتى تحيض فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها وإن شاء أن يمسكها فليمسكها فإنها العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» رواه الدارقطني وفيه تنبيه على تحريم الطلاق والوطء قبل الغسل.
4509 - وعن عكرمة قال: قال ابن عباس: «الطلاق على أربعة أوجه وجهان حلال ووجهان حرام؛ فأما اللذان هما حلال فأن يطلق الرجل امرأته طاهرًا من غير جماع أو يطلقها حاملًا مستبينًا حملها، وأما اللذان هما حرام فأن يطلقها حائضًا أو يطلقها عند الجماع لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا» رواه الدارقطني.
قوله: «فحُسِبَت من طلاقها» قد أخرج الدارقطني من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذؤيب وابن اسحاق جميعًا عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هي واحدة» قال ابن حجر: وهذا نص في محل الخلاف فيجب المصير إليه.
4510 - وأخرج الدارقطني أيضًا من رواية شعبة عن ابن سيرين عن ابن عمر في القصة، «فقال عمر: يا رسول الله! أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم» ورجاله إلى شعبة ثقات، وأما رواية «ولم يرها شيئًا» فقد أنكر على أبي الزبير ذلك، قال الخطابي، قال أهل الحديث لم يرو أبو الزبير حديثًا أنكر من هذا.

.[30/3] باب ما جاء في الطلاق ألبتة وأن الثلاث بكلمة أو بكلمات في مجلس واحدٍ واحدة.

4511 - عن ركانة بن عبد الله: «أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: والله ما أردت إلا واحدة فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب والثالثة في زمان عثمان» رواه الشافعي وأبو داود والدارقطني وقال: قال أبو داود هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح.
4512 - وعن ابن عباس قال: «طلق أبو ركانة أم ركانة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: راجع امرأتك، فقال: إني طلقتها ثلاثًا، قال: قد علمت راجعها» رواه أبو داود وفي لفظ لأحمد: «طلق ركانة امرأته في مجلس واحدٍ ثلاثًا، فحزن عليها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإنها واحدة» وفي سنده ابن اسحاق وفيه مقال، فقال الحافظ: وقد رواه أبو داود من وجه آخر أحسن منه: «أن ركانة طلق امرأته نسيمة ألبتة، فقال: والله ما أردت بها إلا واحدة فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وهو الحديث المتقدم في أول الباب.
4513 - وعن محمود بن لبيد قال: «أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل، فقال: يا رسول الله! ألا أقتله» رواه النسائي ورواته موثقون وقال في "الهدي النبوي": إسناده على شرط مسلم.
4514 - وعن ابن عباس قال: «كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم» رواه أحمد ومسلم وفي رواية عن طاووس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: «هنات من هناتك ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدة قال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم» رواه مسلم وفي رواية: «أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر فلما رأى الناس قد تتابعوا، قال: أجيزوهن عليهم» رواه أبو داود.
4515 - وعن سهل بن سعد قال: «لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله! ظلمتها إن أمسكتها هي الطلاق وهي الطلاق وهي الطلاق» رواه أحمد وهو عند الجماعة بلفظ: «فلما فرغ، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت سنة المتلاعنين».
4516 - وعن الحسن قال: «حدثنا عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين آخرتين عند القرءين فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا ابن عمر ما هكذا أمر الله تعالى إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء قال: فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراجعتها ثم قال: إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك، فقلت: يا رسول الله! أرأيت لو طلقتها ثلاثًا كان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا كانت تبين منك وتكون معصية» رواه الدارقطني وفي إسناده عطاء الخرساني وهو مختلف فيه وثقه الترمذي وضعفه جماعة من الأئمة، وقال ابن حبان فيه: من خيار عباد الله غير أنه كثير الوهم سيئ الحفظ يخطئ ولا يدري فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به.
4517 - وعن حماد بن زيد قال: «قلت لأيوب: هل علمت أحدًا قال في أمرك بيدك وأنها ثلاث، قال: لا ثم اللهم غفرا إلا ما حدثني قتادة عن كبير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ثلاث، قال أيوب فلقيت كبيرًا مولى ابن سمرة مسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال: نسي» رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد ورواه النسائي وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال: إنما هو عن أبي هريرة موقوف ولم يعرف حديث أبي هريرة مرفوعًا، وقال النسائي: هذا حديث منكر وقد ساق في "المنتقى" آثارًا عن بعض الصحابة تدل على أن الطلاق يتبع الطلاق ولكن الحجة في المرفوع.
قوله: «أناة» على وزن قناة الحلم والوقار.
قوله: «من هناتك» جمع هنّ كأخ. قال في "الدر النثير": وأسمعنا من هناتك أي كلماتك أو من أراجيزك وروي من هنياتك على التصغير ومن هنيهاتك على قلب الياء هاء.
قوله: «تتايع» بتائين فوقيتين في "الدر النثير" التتابع الوقوع في الشر من غير فكرة ولا روية والمتايعة عليه ولا تكون في الخير.

.[30/4] باب ما جاء في طلاق الهازل وما لا يصح من الطلاق

4518 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة» رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي: حديث حسن غريب وصححه الحاكم، وفي رواية لابن عدي من وجه آخر ضعيف: «الطلاق والعتاق والنكاح»
4519 - وللحارث بن أبي أسامة من حديث عبادة بن الصامت رفعه: «لا يجوز اللعب في ثلاث الطلاق والنكاح والعتاق فمن قالهن فقد وجب» وسنده ضعيف.
4520 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفوسها ما لم تعمل أو تتكلم» متفق عليه.
4521 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجة والحاكم، وقال أبو حاتم: لا يثبت، وقال النووي في "الروضة": أنه حديث حسن، وأنكره أحمد وأبو حاتم، وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين، وقال في "التلخيص": هذا الحديث في كتب الفقهاء بلفظ: «رفع عن أمتي» ولم نره في الأحاديث المتقدمة عند جميع من أخرجه.
4522 - ثم ذكر أنه أخرجه ابن عدي من حديث أبي بكرة بلفظ: «إن الله رفع عن هذه الأمة ثلاثًا الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وضعف هذه الرواية قلت: وقد ذكر ابن حجر لهذا الحديث طرقًا كثيرة في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب، وقال: وبمجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا. وذكر الإمام محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله هذا الحديث في كتابه "العواصم والقواصم" وذكر له سبع طرق:
4523 - الأولى عن ابن عباس. رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه"، وقال: على شرط الشيخين، ورواه ابن ماجة في "سننه" والدارقطني والبيهقي والطبراني، قال البيهقي: جود إسناده بشر بن بكر وهو من الثقات بلفظ: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان» الحديث.
4524 - الطريق الثانية عن عبد الله بن عمرو مثله، رواه العقيلي والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح غريب.
4525 - الطريق الثالثة عن عقبة بن عامر وفي إسناده ابن لهيعة وهو ممن يستشهد بحديثه.
4526 - الطريق الرابعة عن أبي ذر وليس في إسناده إلا شهر بن حوشب والصحيح توثيقه وهو من رجال السنن الأربع ومسلم متابعة، وقوى أمره البخاري وابن معين ويعقوب بن شيبة وأحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم.
4527 - الطريق الخامس عن أم الدرداء وفيها شهر أيضًا.
4528 - الطريق السادسة عن ثوبان، وراه الطبراني وفيها يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي مختلف فيه.
4529 - الطريق السابعة عن الحسن البصري مرسلًا ومسندًا فالمرسل صحيح ورواه أحمد بن حنبل وسعيد بن منصور وفيها رفع وصحح لفظ: «إن الله تجاوز» وأطال الكلام عليه وفي هذا كفاية.
4530 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق» رواه الخمسة إلا أحمد والترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان.
4531 - وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث علي، وقال الترمذي: حديث حسن وصححه ابن حبان، وأخرجه البخاري موقوفًا معلقًا بصيغة جزم.
4532 - ورواه الحاكم من رواية أبي قتادة وقال: صحيح الإسناد وقواه صاحب الإلمام وتقدم في كتاب الصلاة.
4533 - وعن عائشة قالت: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بإسناد ضعيف وأبو يعلى والبيهقي والحاكم، وقال: على شرط مسلم وله متابع فذكره.
4534 - وعن بريدة في قصة ماعز أنه قال: «يا رسول الله! طهرني، قال: مم أطهرك؟ قال: من الزنا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنهكه، فلم يجد منه ريح خمر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أزنيت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم» رواه مسلم والترمذي وصححه.
4535 - وقال عثمان: «ليس لمجنون ولا لسكران طلاق»
4536 - وقال ابن عباس: «طلاق السكران والمستكره ليس بجائز»
4537 - وقال ابن عباس: «فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء»
4538 - وقال علي: «كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه» ذكر ذلك البخاري في "صحيحه".
4539 - وعن قدامة بن إبراهيم: «أن رجلًا على عهد عمر بن الخطاب تدلى بشتار عسلًا فأقبلت امرأته فجلست على الحبل فقالت: ليطلقها ثلاثًا وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت، فطلقها ثلاثًا ثم خرج فذكر له ذلك فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق» رواه سعيد بن منصور وأبو عبيد القاسم بن سلام.
قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» قال في معالم السنن فيه من الفقه أن حديث النفس وما يوسوس به قلب الإنسان لا حكم له في شيء من أمور الدين وأنه لا يسمى كلام إلا ما جمع ثلاثة أشياء الحروف والصوت والمعنى، وغير ذلك لا يسمى كلامًا ولا يطلق عليه اسمه وفيه أنه إذا طلق امرأته بقلبه ولم يتكلم بلسانه أن الطلاق غير واقع، وساق الكلام إلى أن قال: وفيه فرق بين الكلام والحديث وذكر الاختلاف في الكتابة بالطلاق وأن الكتابة نوع من العمل وهو قول الجماهير.
قوله: «إغلاق» بسكر الهمزة وسكون الغين المعجمة وآخره قاف الصحيح أنه الإكراه كما فسره ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيرهم من الأئمة وقيل: الجنون وقيل: الغضب، ورده ابن لبيد، وقال: لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق؛ لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب.